06:25:00

وها أنا لم أخُضْ بحرَ الخطايا













وها أنا لم أخُضْ بحرَ الخطايا ** ** كـمـا قد خُضتَهُ حتى غَرِقتا
ولـم أشـربْ حُـمَـيا أم دَفرٍ ** ** وأنـت شـربتها حتى سَكِرتا
ولـم أحـلـلْ بـوادٍ فيه ظُلمٌ ** ** وأنـت حـلـلتَ فيه وانهملتا

ولـم أنـشـأْ بِعَصْرٍ فيه نَفعٌ ** ** وأنـتَ نـشأتَ فيه وما انتفعتا
وقـد صـاحبتَ أعلاماً كِباراً ** ** ولـم أرك اقتديت بمن صَحِبتا
ونـاداك الـكِـتابُ فلم تُجِبهُ ** ** ونـهْـنهَكَ المشيبُ فما انتبهتا
لَـيَـقبحُ بالفتى فِعل التصابي ** ** وأقـبـحُ مـنهُ شيخٌ قد تفتى
فـأنـت أحـقُّ بـالتفنيد مِني ** ** ولـو سكتَ المسيءُ لما نطقتا
ونَـفـسَـكَ ذُمّ لا تذممْ سِواها ** ** بِـعـيبٍ فهي أجدرُ مَنْ ذَممتا
فـلـو بكت الدِّما عيناك خوفاً ** ** لِـذنـبـكَ لم أقلْ لك قد أمِنتا
ومَـنْ لـكَ بالأمانِ وأنت عَبدٌ ** ** أُمِـرتَ فما ائتمرت ولا أطعتا
ثَقُلتَ من الذنوبِ ولست تَخشى ** ** لِـجـهلكَ أن تَخِفَّ إذا وُزِنتا
وتُشفقُ للمُصرِ على المعاصي ** ** وتَـرحَمُهُ ، ونفسكَ ما رحمتا
رجعتَ القهقرى وخَبطتَ عشوا ** ** لعمركَ لو وصلتَ لما رَجعتا !
ولـو وافـيتَ ربكَ دون ذنبٍ ** ** ونـاقـشكَ الحِسابَ إذا هَلِكتا
ولـم يـظلمك في عملٍ ولكن ** ** عـسـيـرٌ أن تقوم بما حملتا
ولو قد جئتَ يومَ الفَصْلِ فرداً ** ** وأبـصـرتَ المنازلَ فيه شتى
لأعْـظـمـتَ الندامةَ فيه لهفاً ** ** عـلى ما في حياتك قد أضعتا
تَـفِـرُّ مـن الـهجيرِ وتتقيه ** ** فـهـلاَّ عن جهنم قد فررتا ؟
ولـسـت تطيق أهونها عذاباً ** ** ولـو كـنـتَ الحديد بها لذُبتا
فـلا تـكـذبْ فإن الأمر جِدُّ ** ** ولـيس كما احتسبتَ ولا ظننتا
أبـا بـكـرٍ كشفت أقل عيبي ** ** وأكـثـرهُ ومُـعـظمهُ سَترتا
فقل ما شئت فيِّ من المخازي ** ** وضـاعِـفـها فإنك قد صَدقتا
ومـهـما عِبتني فلِفرْطِ عِلمي ** ** بـبـاطـنـتي كأنك قد مدحتا
فـلا ترضَ المعايبِ فهي عارٌ ** ** عـظـيمٌ يورثُ الإنسان مقتا
وتـهـوي بالوجيه مِن الثريا ** ** وتُـبْـدِلُـهُ مكان الفوق تحتا
كـما الطاعات تنعلك الدراري ** ** وتـجـعلك القريبَ وإن بَعُدتا
وتـنشر عنك في الدنيا جميلاً ** ** فـتُـلـفى البَرَّ فيها حيثُ كُنتا
وتـمـشي في مناكبها كريماً ** ** وتـجني الحمد مما قد غَرستا
وأنـتَ الآن لـم تُعرف بِعابٍ ** ** ولا دنـسـتَ ثـوبكَ مُذْ نَشأتا
ولا سـابـقتَ في ميدان زورٍ ** ** ولا أوضـعْـتَ فيهِ ولا خببتا
فـإن لـم تَـنأ عَنْهُ نَشِبْتَ فيه ** ** ومـن لك بالخلاص إذا نَشِبتا
ودَنَّـسَ مـا تَطهر منك حتى ** ** كـأنـك قـبل ذلك ما طهرتا
وصـرت أسيرَ ذَنْبِكَ في وَثاقٍ ** ** وكـيفَ لك الفكَاك وقد أُسِرتا
وخفْ أبناء جِنسكَ واخشَ منهم ** ** كما تخشى الضراغِمَ والسَّبتنى
وخـالـطـهم وزايلهم حِذاراً ** ** وكـنْ كـالـسامري إذا لَمستا
وإن جَـهِلوا عليك فقل سلاماً ** ** لـعـلك سوف تسلم إن فعَلتا
ومَـنْ لك بالسلامةِ في زمانٍ ** ** يـنـالُ العُصْمَ إلا إن عُصِمتا
ولا تـلـبـثْ بحيٍّ فيه ضَيْمٌ ** ** يُـمـيـتُ القلبَ إلا إن كُبِلتا
وغَـرِّبْ فـالـغريبُ له نَفاقٌ ** ** وشـرِّقْ إن بِـرِيقكَ قد شرقتا
ولـو فـوقَ الأميرِ تَكُونُ فِيها ** ** سُـمُـواً وافـتخاراً كنت أنتا
وإن فـرقـتها وخرجتَ مِنها ** ** إلـى دار الـسـلام فقد سَلِمتا
وإن كـرَّمـتها ونظرتَ منها ** ** بـإجـلالٍ فـنـفسكَ قد أهنتا
جـمعت لك النصائحَ فامتثلها ** ** حياتك ؛ فهي أفضل ما امتثلتا
وطـولـتُ العتابَ وزِدتُ فيهِ ** ** لأنـك فـي الـبطالةِ قد أطلتا
فـلا تأخذ بتقصيري وسَهوي ** ** وخـذْ بوصيتي لك إن رَشَدتا
وقـد أردَفـتـهـا ستاً حِساناً ** ** وكـانـت قـبلُ ذا مِئةٍ وستا